أسرار واعترافات من ملف السيد الشريف رئيس حكومة الأشراف في مصر
محمد الباز
يتمتع السيد الشريف الرجل الذي يحمل علي كتفيه مسئولية نقابة الأشراف بهدوء لا يتناسب مطلقا مع المسئوليات التي يقوم بها، ولا مع الهجوم الحاد الذي يتعرض له من بعض أبناء الأشراف، ولا مع حالة التربص التي يبديها البعض بسبب ما يتردد عن سيطرة أحمد عز علي نقابة الأشراف واستغلالها في خدمة الحزب الوطني.
الأوراق والملفات كثيرة كنت قد تناولت الكثير منها في حلقات سابقة عن نقابة الأشراف، ومنذ أكثر من شهرين والنقيب ينتقل من محافظة إلي محافظة حالت دون أن نلتقي، وعندما التقينا الأسبوع الماضي فتحت معه الكثير من الملفات، تحدث بصراحة، وحملت لي تعبيرات وجهه أحيانا أن هناك ما لا يجب أن يقال أو يصرح به فاحترمت رغبته.
ما قاله السيد الشريف يمس خمسة ملايين شريف في مصر، أوضاعهم حساسة بالطبع، قررت أن أبدأ معه من نقطة ساخنة جدا ، قلت له: يحاول الأشراف أن يظهروا وكأنهم فئة أعلي من الناس... يتعاملون علي أنهم متميزون ولابد أن يحصلوا علي مميزات...فهل هذا من حقهم؟ بهدوء شديد قال السيد الشريف: الأشراف ليسوا طبقة أعلي وإذا كان لهم شرف الانتساب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم، فإن شرف الانتساب هذا يلزمهم أن يكونوا أكثر الناس تواضعا وألفة بين الناس.
ومن بين الأوراق التي تؤكد ذلك أن كل شريف يحمل توجيها من النقابة هذا نصه: أخي الشريف إنك بانتسابك إلي آل البيت لا تتميز بهذا علي سائر الناس وإنما هو شرف تزينه تقوي الله سبحانه وتعالي القائل :"إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
التوجيه موجود صحيح، لكن هناك كثيرا من أبناء الأشراف من لا يلتزمون به، ومن بين ما يوجه إلي نقابة الأشراف أنها تهمل في تحقيق الأنساب، بل وصل الأمر إلي الحديث عن تزوير في الأنساب يقوم به البعض، سألته: هل صحيح أن هناك أنساباً مزورة في نقابة الأشراف وأن هناك من يحمل عضوية النقابة دون أن يكون فعلا من نسل الرسول صلي الله عليه وسلم.
رفض السيد الشريف هذا الاتهام، واعتبره غير دقيق...فالأشراف في مصر خمسة ملايين يتركزون بشكل أساسي في الصعيد وبعض محافظات الوجي البحري، والنسابون الموجودن في مصر يصل عددهم إلي 15 نسابا تستأنس النقابة برأيهم، ولا نتعامل مع أي واحد يطلق علي نفسه أنه محقق أنساب، فلابد أن يكون النساب معتمدا من النقابة.
النسابون في مصر نوعان، الأول نوع حصل علي درجات علمية عالية، بعضهم حاصل علي الدكتوراة في علم الأنساب، أما النوع الثاني فيطلق عليهم القيادات الطبيعية، وهم أشخاص يتوارثون المهنة أبا عن جد.، ويشترط فيمن يعمل نسابا أن يتمتع بالصدق والأمانة.
قلت للسيد الشريف إن هذا لا يمنع أن هناك خللا في منظومة تحقيق الأنساب في مصر؟.. قال: كل مجتمع فيه الكويس والوحش، فربنا خلق الخير والشر في الحياة، لكن ما أحب التأكيد عليه أنه ليس لدينا في نقابة الأشراف طرف له صلة بأي موضوع يمس عمليات التزوير، وأي شخص لديه مستند يثبت أي شيء فالنقابة مستعدة للتحقيق في هذه المستندات فورا، فنحن لسنا فوق مستوي النقد، ونقبل أي اقتراح أو شكوي، فعندما يتقدم لنا أحد بنسبه ويثبت بالنسبة لنا نخرج له القرار رافعين حديث الرسول الذي يحدد لنا الطريق وهو: الداخل فينا بغير نسب ملعون...والخارج منا بغير سبب ملعون، فمن يكذب علي الأشراف ويقول إنه منهم وهو ليس كذلك يلعنه الله، ومن قال إنني لست من الأشراف متبرئا منهم لأي سبب من الأسباب يلعنه الله أيضا.
عندما تولي السيد الشريف أمر النقابة كان نقيبها السابق السيد أحمد كامل ياسين قد أنشأ لجنة تبحث في سجل الأنساب بطريقة علمية وثائقية بحتة، واللجنة الآن تعمل بقاعدة مهمة وهي أن يأتي النسب ليس من أعلي ولكن من قاعدة الهرم، فإذا تقدم شخص وقال إنه ينتمي للأشراف من مكان ما، فإن اللجنة ترجع النسب إلي أهل المنطقة التي جاء منها من خلال لجنة الأشراف الموجودة هناك، وإذا تم التوقيع من خلال اللجان الأساسية وثبت بالدليل القاطع وشهادة الشهود والمستندات الدالة صدق كلامه تعتمد العضوية في النقابة.
قلت للسيد الشريف: أشراف بورسعيد شكوا من أنه ليس لديهم لجنة لتحقيق الأنساب، وأنهم عندما يحتاجون إلي شهادة يضطرون للسفر إلي أقاصي الصعيد وأنهم يحتاجون إلي مكتب تحقيق أنساب لديهم لن يخدمهم وحدهم ولكنه سيخدم محافظات الوجه البحري كلها؟
لم ينكر السيد الشريف علي أشراف بورسعيد مطالبهم، قال: بعد أن توليت العمل مباشرة في النقابة قمت بزيارة إلي الغربية وكفر الشيخ وأسوان والأقصر وقنا والبحر الأحمر والقليوبية والإسكندرية، وسوف أكمل برنامج الزيارات إلي المحافظات الأخري، لأن الحوار مع الأشراف بشكل مباشر في قواعدهم يساعد علي التواصل بشكل كبير ويمكننا من التعرف علي مشاكلهم علي أرض الواقع.
يتحدث نقيب الأشراف كثيرا عن دور النقابة في حل مشاكل أعضائها، وهو ما دفعني إلي أن أسأله عن تمويل النقابة، من أين ينفق علي ملايين الأشراف وكثير منهم يعيش ظروفا اقتصادية صعبة؟
يقول الشريف إن تمويل نقابة الأشراف يأتي من الداخل من أبناء الأشراف وتحديدا من خلال الاشتراكات ، كل عضو يدفع اشتراكا قدره 15 جنيها سنويا، لكن أغلب الأعضاء لا يدفعون الاشتراك بسبب مشاغلهم الكثيرة، هذا إلي جوار تبرع القادرين من أبناء الأشراف لصندوق التكافل الاجتماعي، وتصل إيرادات النقابة سنويا حوالي 500 ألف جنيه، وقد وصلت التبرعات التي دخلت الصندوق حوالي مليون و800 ألف جنيه، ومن خلال هذا الدخل تقوم النقابة بالصرف علي الأسر الفقيرة والمعدمة، وذلك طبقا للحالات التي تقرها لجنة متخصصة.
هذه الأموال التي تدخل النقابة عن طريق الاشتراكات والتبرعات، ورغم أنها ليست كبيرة، سألت السيد الشريف عنها وهل هناك رقابة علي أشكال إنفاقها أم أن المسألة تسير بقرارات منفردة؟
قال: توجد رقابة محاسبية دقيقة في نقابة الأشراف تشرف عليها لجنة من المجلس الأعلي للنقابة، ويوجد مراقب حسابات وإدارة مالية علي أعلي نظام مؤسسي، ولا تخضع هذه اللجنة بالطبع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، لأننا لسنا أموالا عامة، فنحن لا نأخذ مليما واحدا من الدولة ولذلك لا يحق لها أن تراقبنا بأي شكل من الأشكال.
وحتي يؤكد النقيب أن اللجنة القانونية التي تشرف علي الرقابة المالية علي أعلي مستوي من الكفاءة والدقة، فقد أشار إلي أسماء هذه اللجنة القانونية حتي يضفي علي كلامه ثقلا ومصداقية، فاللجنة مكونة من المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية المستشار عبد الناصر السباعي مساعد وزير العدل، والمستشار محمود صبح العطار نائب رئيس مجلس الدولة.
فكرة التمويل التي تحدث عنها السيد الشريف بشفافية واضحة جعلتني أعيده مرة ثانية إلي ما أثير عن رغبة العقيد القذافي في إثبات نسبه إلي الأشراف، وقد ذهب وفد من نقابة الأشراف كان من بينهم النقيب السابق شخصيا أحمد كامل ياسين إلي ليبيا لمقابلة العقيد علي هامش رغبته في أن يحمل نسب الأشراف، قلت له هذا الملف غامض إلي حد كبير، لقد تناولته وسائل الإعلام وفجأة توقف كل شيء، فهل حصل العقيد القذافي علي عضوية نقيب الأشراف؟
يقول السيد الشريف: لم أكن موجودا في الرحلة إلي ليبيا التي شارك فيها عدد كبير من قيادات النقابة، لكن القاعدة العامة التي أحب أن أثبتها أن أي شخص عنده ما يثبت نسبه يستحق أن يحصل علي العضوية، ولا فرق عندي بين المسئول وغير المسئول...الكبير والصغير ..الفقير والغني، كلهم أمام نقابة الأشراف سواسية.
وكون القذافي يرجع إلي نقابة الأشراف في مصر لإثبات نسبه فهذا أمر طبيعي لأننا في النهاية نمثل المرجعية الأساسية لأنساب آل البيت، ليس علي مستوي مصر فقط ولكن علي مستوي العالم كله، فالأشراف منتشرون في دول العالم كلها.
سألته: أريد أمرا محددا وهو هل حصل القذافي علي عضوية نقابة الأشراف أم لا؟
قال: حسب علمي أن المستندات الخاصة بالقذافي لم تستكمل، وكان هناك طلب من لجنة تحقيق الأنساب بنقابة الأشراف إلي القذافي ومعاونيه ليستكملوا المستندات الخاصة به، لكن يبدو أن هذه الأوراق لم تستكمل حتي الآن ، ولذلك فإنه لم يحصل علي العضوية.
قلت له: كيف لم يحصل عليه وهناك من يؤكد أنه دفع عشرة ملايين دولار للنقابة علي سبيل التبرع من أجل إثبات نسبه؟رد السيد الشريف بسرعة: إن شئيا من هذا لم يحدث علي الإطلاق، فلا العقيد القذافي تبرع للنقابة بعشرة ملايين دولار ولا حصل علي العضوية، ثم إننا لا نتلقي أي تبرعات من الخارج تحت أي مسمي، وهذا ثابت في أوراقنا وللمرة الثانية من لديه مستند واحد يدين أي شيء في نقابة الأشراف فعليه أن يتقدم به إلي الجهات المسئولة لتحقق فيه، فنحن ليس لدينا ما نخاف منه علي الإطلاق.
من تبرع القذافي المزعوم لنقابة الأشراف إلي ما يعترض عليه الكثير من أبناء الأشراف في مصر وهو سيطرة أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني عليها، استنكر السيد الشريف هذا الكلام تماما، فقلت له: اسمح لي يا سيادة النقيب فكثيرون من أبناء الأشراف يقولون إن نقابة الأشراف تتحرك الآن بين ثنائية نقيب راحل صنع أحمد عز ونقيب حالي صنعه أحمد عز.
استوقفني السيد النقيب معترضا علي هذا الكلام، الذي اعترض عليه واعتبره أنه ليس لائقا وأن من يرددونه ليسوا علي حق مطلقا وبدأ يوضح ما يجري بخصوص أحمد عز في النقابة قال: أولا السيد أحمد عز ابن من أبناء الأشراف سواء كان يتولي منصبا سياسيا أو غير منصب سياسي، ونسبه مسجل منذ مدة طويلة جدا، وقبل أن يتولي حتي منصب أمين التنظيم في الحزب الوطني، وهو كذلك عضو المجلس الأعلي للنقابة قبل أن أتولي أنا منصب نقيب الأشراف، وهو مجلس مكون من العديد من الشخصيات العامة والمسئولين الذين ينتمون لأبناء الأشراف.
قلت له : لكن عز يحتل مكانة خاصة في النقابة، وليس ضروريا أن تكون هناك وقائع مادية لكن كثيرا مما يجري ويشعر به أبناء الأشراف يشير إلي أن هناك نفوذا لهذا الرجل في النقابة؟
يقول السيد الشريف: داخل نقابة الأشراف نحن جميعا أسرة واحدة، لا فرق بين غني وفقير ولا فارق بين من ينتمي لحزب ومن لا ينتمي لحزب، فشرف انتمائنا للرسول صلي الله عليه وسلم يغنينا عن كل شيء، وأن تكون شريفا فهذا مقدم علي أن تكون مسئولا أو شخصية حزبية أو غير حزبية، ثم إنه من حق الشريف أن يمارس حقوقه في المجتمع مثله مثل أي شخص آخر، لا نستطيع أن نمنع أحدا من أن يمارس العمل السياسي أو أن يكون مسئولا.
سألته بشكل مباشر عن أحد أعضاء النقابة الذي يقول إن أحمد عز كان وراء اضطهاده واعتقاله وتعذيبه وأنه فعل ذلك من أجل خلافه مع النقيب السابق أحمد كامل ياسين صهر أحمد عز؟
هذه القصة مشهورة وسمع عنها نقيب الأشراف، لكنه أكد أنها لم تحدث مطلقا، وكان رده عمليا أننا لو جئنا بهذا الابن وهو ابن عزيز جدا من أبناء الأشراف وأجلسناه في حجرة مع عشرين شخصا آخرين وأدخلنا عليهم أحمد عز وقلنا له أخرج هذا الابن من بينهم فلن يستطيع أن يفعل ذلك، لأن أحمد عز لا يعرفه من الأساس.
هناك كثير من التفاصيل لكن يبدو أن هذا الملف مزعج بما فيه الكفاية فاحترمت رغبة السيد النقيب في ألا نتحدث فيه أكثر من ذلك.
لكنني اخترت أن أنهي كلامي مع السيد الشريف من نقطة ساخنة أخري وأخيرة، قلت له: هناك اعتراض من فئات كثيرة في المجتمع المصري علي أن يحصل أحفاد الرسول علي لقب الأشراف، فما معني أنهم أشراف؟وهل معني ذلك أن غيرهم ليسوا أشرافا؟ إن هذا اللقب الذي يحصل عليه الأشراف فيه إهانة للآخرين وتمييزا ضدهم وعنصرية مرفوضة؟
وكما بدأ هادئا أنهي كلامه هادئا أيضا قال: كلمة الشريف تعود إلي الأصل وهو حضرة الحبيب صلي الله وسلم الذي شرفه الله بشرف حمل الرسالة، وهو دليل علي إكرامه للرسول ولآل بيته، والمسلمون جميعا ملزمون عقب كل صلاة أن يحيوا ويصلوا علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد، وإن كان هذا الأمر لا يجب أن يجعلنا أبدا فئة فوق فئات المجتمع الأخري، بل يجعلنا الأكثر حرصا علي الالتزام وأن نكون قدوة للآخرين.
أنهيت حديثي مع السيد نقيب الأشراف السيد الشريف، لكن وأنا أجمع أوراقي من أمامه شعرت بأن الملف لا يزال مفتوحا وأن الكلام مع الأشراف وعنهم لابد أن يتواصل، وهو ما سيحدث بالفعل.
محمد الباز
يتمتع السيد الشريف الرجل الذي يحمل علي كتفيه مسئولية نقابة الأشراف بهدوء لا يتناسب مطلقا مع المسئوليات التي يقوم بها، ولا مع الهجوم الحاد الذي يتعرض له من بعض أبناء الأشراف، ولا مع حالة التربص التي يبديها البعض بسبب ما يتردد عن سيطرة أحمد عز علي نقابة الأشراف واستغلالها في خدمة الحزب الوطني.
الأوراق والملفات كثيرة كنت قد تناولت الكثير منها في حلقات سابقة عن نقابة الأشراف، ومنذ أكثر من شهرين والنقيب ينتقل من محافظة إلي محافظة حالت دون أن نلتقي، وعندما التقينا الأسبوع الماضي فتحت معه الكثير من الملفات، تحدث بصراحة، وحملت لي تعبيرات وجهه أحيانا أن هناك ما لا يجب أن يقال أو يصرح به فاحترمت رغبته.
ما قاله السيد الشريف يمس خمسة ملايين شريف في مصر، أوضاعهم حساسة بالطبع، قررت أن أبدأ معه من نقطة ساخنة جدا ، قلت له: يحاول الأشراف أن يظهروا وكأنهم فئة أعلي من الناس... يتعاملون علي أنهم متميزون ولابد أن يحصلوا علي مميزات...فهل هذا من حقهم؟ بهدوء شديد قال السيد الشريف: الأشراف ليسوا طبقة أعلي وإذا كان لهم شرف الانتساب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم، فإن شرف الانتساب هذا يلزمهم أن يكونوا أكثر الناس تواضعا وألفة بين الناس.
ومن بين الأوراق التي تؤكد ذلك أن كل شريف يحمل توجيها من النقابة هذا نصه: أخي الشريف إنك بانتسابك إلي آل البيت لا تتميز بهذا علي سائر الناس وإنما هو شرف تزينه تقوي الله سبحانه وتعالي القائل :"إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
التوجيه موجود صحيح، لكن هناك كثيرا من أبناء الأشراف من لا يلتزمون به، ومن بين ما يوجه إلي نقابة الأشراف أنها تهمل في تحقيق الأنساب، بل وصل الأمر إلي الحديث عن تزوير في الأنساب يقوم به البعض، سألته: هل صحيح أن هناك أنساباً مزورة في نقابة الأشراف وأن هناك من يحمل عضوية النقابة دون أن يكون فعلا من نسل الرسول صلي الله عليه وسلم.
رفض السيد الشريف هذا الاتهام، واعتبره غير دقيق...فالأشراف في مصر خمسة ملايين يتركزون بشكل أساسي في الصعيد وبعض محافظات الوجي البحري، والنسابون الموجودن في مصر يصل عددهم إلي 15 نسابا تستأنس النقابة برأيهم، ولا نتعامل مع أي واحد يطلق علي نفسه أنه محقق أنساب، فلابد أن يكون النساب معتمدا من النقابة.
النسابون في مصر نوعان، الأول نوع حصل علي درجات علمية عالية، بعضهم حاصل علي الدكتوراة في علم الأنساب، أما النوع الثاني فيطلق عليهم القيادات الطبيعية، وهم أشخاص يتوارثون المهنة أبا عن جد.، ويشترط فيمن يعمل نسابا أن يتمتع بالصدق والأمانة.
قلت للسيد الشريف إن هذا لا يمنع أن هناك خللا في منظومة تحقيق الأنساب في مصر؟.. قال: كل مجتمع فيه الكويس والوحش، فربنا خلق الخير والشر في الحياة، لكن ما أحب التأكيد عليه أنه ليس لدينا في نقابة الأشراف طرف له صلة بأي موضوع يمس عمليات التزوير، وأي شخص لديه مستند يثبت أي شيء فالنقابة مستعدة للتحقيق في هذه المستندات فورا، فنحن لسنا فوق مستوي النقد، ونقبل أي اقتراح أو شكوي، فعندما يتقدم لنا أحد بنسبه ويثبت بالنسبة لنا نخرج له القرار رافعين حديث الرسول الذي يحدد لنا الطريق وهو: الداخل فينا بغير نسب ملعون...والخارج منا بغير سبب ملعون، فمن يكذب علي الأشراف ويقول إنه منهم وهو ليس كذلك يلعنه الله، ومن قال إنني لست من الأشراف متبرئا منهم لأي سبب من الأسباب يلعنه الله أيضا.
عندما تولي السيد الشريف أمر النقابة كان نقيبها السابق السيد أحمد كامل ياسين قد أنشأ لجنة تبحث في سجل الأنساب بطريقة علمية وثائقية بحتة، واللجنة الآن تعمل بقاعدة مهمة وهي أن يأتي النسب ليس من أعلي ولكن من قاعدة الهرم، فإذا تقدم شخص وقال إنه ينتمي للأشراف من مكان ما، فإن اللجنة ترجع النسب إلي أهل المنطقة التي جاء منها من خلال لجنة الأشراف الموجودة هناك، وإذا تم التوقيع من خلال اللجان الأساسية وثبت بالدليل القاطع وشهادة الشهود والمستندات الدالة صدق كلامه تعتمد العضوية في النقابة.
قلت للسيد الشريف: أشراف بورسعيد شكوا من أنه ليس لديهم لجنة لتحقيق الأنساب، وأنهم عندما يحتاجون إلي شهادة يضطرون للسفر إلي أقاصي الصعيد وأنهم يحتاجون إلي مكتب تحقيق أنساب لديهم لن يخدمهم وحدهم ولكنه سيخدم محافظات الوجه البحري كلها؟
لم ينكر السيد الشريف علي أشراف بورسعيد مطالبهم، قال: بعد أن توليت العمل مباشرة في النقابة قمت بزيارة إلي الغربية وكفر الشيخ وأسوان والأقصر وقنا والبحر الأحمر والقليوبية والإسكندرية، وسوف أكمل برنامج الزيارات إلي المحافظات الأخري، لأن الحوار مع الأشراف بشكل مباشر في قواعدهم يساعد علي التواصل بشكل كبير ويمكننا من التعرف علي مشاكلهم علي أرض الواقع.
يتحدث نقيب الأشراف كثيرا عن دور النقابة في حل مشاكل أعضائها، وهو ما دفعني إلي أن أسأله عن تمويل النقابة، من أين ينفق علي ملايين الأشراف وكثير منهم يعيش ظروفا اقتصادية صعبة؟
يقول الشريف إن تمويل نقابة الأشراف يأتي من الداخل من أبناء الأشراف وتحديدا من خلال الاشتراكات ، كل عضو يدفع اشتراكا قدره 15 جنيها سنويا، لكن أغلب الأعضاء لا يدفعون الاشتراك بسبب مشاغلهم الكثيرة، هذا إلي جوار تبرع القادرين من أبناء الأشراف لصندوق التكافل الاجتماعي، وتصل إيرادات النقابة سنويا حوالي 500 ألف جنيه، وقد وصلت التبرعات التي دخلت الصندوق حوالي مليون و800 ألف جنيه، ومن خلال هذا الدخل تقوم النقابة بالصرف علي الأسر الفقيرة والمعدمة، وذلك طبقا للحالات التي تقرها لجنة متخصصة.
هذه الأموال التي تدخل النقابة عن طريق الاشتراكات والتبرعات، ورغم أنها ليست كبيرة، سألت السيد الشريف عنها وهل هناك رقابة علي أشكال إنفاقها أم أن المسألة تسير بقرارات منفردة؟
قال: توجد رقابة محاسبية دقيقة في نقابة الأشراف تشرف عليها لجنة من المجلس الأعلي للنقابة، ويوجد مراقب حسابات وإدارة مالية علي أعلي نظام مؤسسي، ولا تخضع هذه اللجنة بالطبع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، لأننا لسنا أموالا عامة، فنحن لا نأخذ مليما واحدا من الدولة ولذلك لا يحق لها أن تراقبنا بأي شكل من الأشكال.
وحتي يؤكد النقيب أن اللجنة القانونية التي تشرف علي الرقابة المالية علي أعلي مستوي من الكفاءة والدقة، فقد أشار إلي أسماء هذه اللجنة القانونية حتي يضفي علي كلامه ثقلا ومصداقية، فاللجنة مكونة من المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية المستشار عبد الناصر السباعي مساعد وزير العدل، والمستشار محمود صبح العطار نائب رئيس مجلس الدولة.
فكرة التمويل التي تحدث عنها السيد الشريف بشفافية واضحة جعلتني أعيده مرة ثانية إلي ما أثير عن رغبة العقيد القذافي في إثبات نسبه إلي الأشراف، وقد ذهب وفد من نقابة الأشراف كان من بينهم النقيب السابق شخصيا أحمد كامل ياسين إلي ليبيا لمقابلة العقيد علي هامش رغبته في أن يحمل نسب الأشراف، قلت له هذا الملف غامض إلي حد كبير، لقد تناولته وسائل الإعلام وفجأة توقف كل شيء، فهل حصل العقيد القذافي علي عضوية نقيب الأشراف؟
يقول السيد الشريف: لم أكن موجودا في الرحلة إلي ليبيا التي شارك فيها عدد كبير من قيادات النقابة، لكن القاعدة العامة التي أحب أن أثبتها أن أي شخص عنده ما يثبت نسبه يستحق أن يحصل علي العضوية، ولا فرق عندي بين المسئول وغير المسئول...الكبير والصغير ..الفقير والغني، كلهم أمام نقابة الأشراف سواسية.
وكون القذافي يرجع إلي نقابة الأشراف في مصر لإثبات نسبه فهذا أمر طبيعي لأننا في النهاية نمثل المرجعية الأساسية لأنساب آل البيت، ليس علي مستوي مصر فقط ولكن علي مستوي العالم كله، فالأشراف منتشرون في دول العالم كلها.
سألته: أريد أمرا محددا وهو هل حصل القذافي علي عضوية نقابة الأشراف أم لا؟
قال: حسب علمي أن المستندات الخاصة بالقذافي لم تستكمل، وكان هناك طلب من لجنة تحقيق الأنساب بنقابة الأشراف إلي القذافي ومعاونيه ليستكملوا المستندات الخاصة به، لكن يبدو أن هذه الأوراق لم تستكمل حتي الآن ، ولذلك فإنه لم يحصل علي العضوية.
قلت له: كيف لم يحصل عليه وهناك من يؤكد أنه دفع عشرة ملايين دولار للنقابة علي سبيل التبرع من أجل إثبات نسبه؟رد السيد الشريف بسرعة: إن شئيا من هذا لم يحدث علي الإطلاق، فلا العقيد القذافي تبرع للنقابة بعشرة ملايين دولار ولا حصل علي العضوية، ثم إننا لا نتلقي أي تبرعات من الخارج تحت أي مسمي، وهذا ثابت في أوراقنا وللمرة الثانية من لديه مستند واحد يدين أي شيء في نقابة الأشراف فعليه أن يتقدم به إلي الجهات المسئولة لتحقق فيه، فنحن ليس لدينا ما نخاف منه علي الإطلاق.
من تبرع القذافي المزعوم لنقابة الأشراف إلي ما يعترض عليه الكثير من أبناء الأشراف في مصر وهو سيطرة أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني عليها، استنكر السيد الشريف هذا الكلام تماما، فقلت له: اسمح لي يا سيادة النقيب فكثيرون من أبناء الأشراف يقولون إن نقابة الأشراف تتحرك الآن بين ثنائية نقيب راحل صنع أحمد عز ونقيب حالي صنعه أحمد عز.
استوقفني السيد النقيب معترضا علي هذا الكلام، الذي اعترض عليه واعتبره أنه ليس لائقا وأن من يرددونه ليسوا علي حق مطلقا وبدأ يوضح ما يجري بخصوص أحمد عز في النقابة قال: أولا السيد أحمد عز ابن من أبناء الأشراف سواء كان يتولي منصبا سياسيا أو غير منصب سياسي، ونسبه مسجل منذ مدة طويلة جدا، وقبل أن يتولي حتي منصب أمين التنظيم في الحزب الوطني، وهو كذلك عضو المجلس الأعلي للنقابة قبل أن أتولي أنا منصب نقيب الأشراف، وهو مجلس مكون من العديد من الشخصيات العامة والمسئولين الذين ينتمون لأبناء الأشراف.
قلت له : لكن عز يحتل مكانة خاصة في النقابة، وليس ضروريا أن تكون هناك وقائع مادية لكن كثيرا مما يجري ويشعر به أبناء الأشراف يشير إلي أن هناك نفوذا لهذا الرجل في النقابة؟
يقول السيد الشريف: داخل نقابة الأشراف نحن جميعا أسرة واحدة، لا فرق بين غني وفقير ولا فارق بين من ينتمي لحزب ومن لا ينتمي لحزب، فشرف انتمائنا للرسول صلي الله عليه وسلم يغنينا عن كل شيء، وأن تكون شريفا فهذا مقدم علي أن تكون مسئولا أو شخصية حزبية أو غير حزبية، ثم إنه من حق الشريف أن يمارس حقوقه في المجتمع مثله مثل أي شخص آخر، لا نستطيع أن نمنع أحدا من أن يمارس العمل السياسي أو أن يكون مسئولا.
سألته بشكل مباشر عن أحد أعضاء النقابة الذي يقول إن أحمد عز كان وراء اضطهاده واعتقاله وتعذيبه وأنه فعل ذلك من أجل خلافه مع النقيب السابق أحمد كامل ياسين صهر أحمد عز؟
هذه القصة مشهورة وسمع عنها نقيب الأشراف، لكنه أكد أنها لم تحدث مطلقا، وكان رده عمليا أننا لو جئنا بهذا الابن وهو ابن عزيز جدا من أبناء الأشراف وأجلسناه في حجرة مع عشرين شخصا آخرين وأدخلنا عليهم أحمد عز وقلنا له أخرج هذا الابن من بينهم فلن يستطيع أن يفعل ذلك، لأن أحمد عز لا يعرفه من الأساس.
هناك كثير من التفاصيل لكن يبدو أن هذا الملف مزعج بما فيه الكفاية فاحترمت رغبة السيد النقيب في ألا نتحدث فيه أكثر من ذلك.
لكنني اخترت أن أنهي كلامي مع السيد الشريف من نقطة ساخنة أخري وأخيرة، قلت له: هناك اعتراض من فئات كثيرة في المجتمع المصري علي أن يحصل أحفاد الرسول علي لقب الأشراف، فما معني أنهم أشراف؟وهل معني ذلك أن غيرهم ليسوا أشرافا؟ إن هذا اللقب الذي يحصل عليه الأشراف فيه إهانة للآخرين وتمييزا ضدهم وعنصرية مرفوضة؟
وكما بدأ هادئا أنهي كلامه هادئا أيضا قال: كلمة الشريف تعود إلي الأصل وهو حضرة الحبيب صلي الله وسلم الذي شرفه الله بشرف حمل الرسالة، وهو دليل علي إكرامه للرسول ولآل بيته، والمسلمون جميعا ملزمون عقب كل صلاة أن يحيوا ويصلوا علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد، وإن كان هذا الأمر لا يجب أن يجعلنا أبدا فئة فوق فئات المجتمع الأخري، بل يجعلنا الأكثر حرصا علي الالتزام وأن نكون قدوة للآخرين.
أنهيت حديثي مع السيد نقيب الأشراف السيد الشريف، لكن وأنا أجمع أوراقي من أمامه شعرت بأن الملف لا يزال مفتوحا وأن الكلام مع الأشراف وعنهم لابد أن يتواصل، وهو ما سيحدث بالفعل.