قال أبو مخنف ) فحدثني موسى ابن عامر العدوى من عدى جهينة وهو ابو الاشعر ان المختار جاء حتى دخل القصر فبات به و اصبح اشراف الناس في المسجد وعلى باب القصر وخرج المختار فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال الحمد
لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا . وقد خاب من افترى أيها الناس انه رفعت لنا راية ومدت لنا غاية فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها وفي الغاية أن أجروا إليها ولا تعدوها
فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية وبعد المن طغى وأدبرو عصى وكذب وتولى الا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدى فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا والارض فجاجا سبلا ما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي
طالب وآل علي اهدى منها . ثم نزل فدخل ودخلنا عليه واشراف الناس فبسط يده وابتدره الناس فبايعوه وجعل يقول تبايعوني على كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا
والوفاء بيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم فإذا قال الرجل نعم بايعه . قال فكأني والله أنظر إلى المنذر بن حسان بن ضرار الضبى إذ أتاه حتى سلم عليه بالامرة ثم بايعه وانصرف عنه فلما خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثوري في عصابة من
الشيعة واقفا عند المصطبة فلما رأوه ومعه ابنه حيان بن المنذر قال رجل من سفهائهم هذا والله من رؤوس الجبارين فشدوا عليه وعلى ابنه فقتلوهما فصاح بهم سعيد بن منقذ لا تعجلو الا تعجلوا حتى ننظر ما رأى أميركم فيه قال وبلغ المختار ذلك فكرهه
- ص 344 -
حتى رؤى ذلك في وجهه وأقبل المختار يمن الناس ويستجر مودتهم ومودة الاشراف ويحسن السيرة جهده . قال وجاءه ابن كامل فقال للمختار أعلمت أن ابن مطيع في دار أبي موسى فلم يجبه بشئ فأعادها عليه ثلاث مرات فلم يجبه ثم اعادها فلم
يجبه فظن ابن كامل أن ذلك لا يوافقه وكان ابن مطيع قبل للمختار صديقا فلما أمسى بعث إلى ابن مطيع بمائة الف درهم . فقال له تجهز بهذه واخرج فاني قد شعرت بمكانك وقد ظننت أنه لم يمنعك من الخروج الا انه ليس في يديك ما يقويك على
الخروج وأصاب المختار تسعة آلاف ألف في بيت مال الكوفة فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة آلاف وثمانمأة رجل كل رجل خمسمائة درهم خمسمائة درهم وأعطى ستة آلاف من اصحابه أتوه بعد ما
أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الايام حتى دخل القصر مائتين مائتين واستقبل الناس بخير ومناهم العدل وحسن السيرة وأدنى الاشراف فكانوا جلساءه وحداثه واستعمل على شرطته عبدالله بن كامل الشاكرى وعلى حرسه كيسان
أبا عمرة مولى عرينة فقام ذات يوم على رأسه فرأى الاشراف يحدثونه ورآه قد أقبل بوجهه وحديثه عليهم . فقال لابي عمرة بعض اصحابه من الموالى أما ترى أبا اسحاق قد أقبل على العرب ما ينظر الينا فدعاه المختار فقال له ما يقول لك أولئك
الذين رأيتهم يكلمونك فقال له وأسر إليه شق عليهم أصلحك الله صرفك وجهك عنهم إلى العرب فقال له قل لهم لا يشقن ذلك عليكم فأنتم مني وأنا منكم
- ص 345 -
ثم سكت طويلا ثم قرأ ( انا من المجرمين منتقمون ) قال فحدثني أبو الأشعر موسى بن عامر قال ما هو الا أن سمعها الموالى منه فقال بعضهم لبعض أبشروا كانكم والله به قد قتلهم .
( قال أبو مخنف ) حفثني حصيرة بن عبدالله الازدي وفضل بن خديج الكندى والنضر بن صالح العبسى قالوا أول رجل عقد له المختار راية عبدالله ابن الحارث أخو الاشتر عقد له على أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد على آذريجان وبعث
عبدالرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل وبعث اسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جوخى وبعث قدامة بن أبي عيسى بن ربيعة النصرى وهو حليف لثقيف على بهقباذ الاعلى وبعث محمد بن كعب بن قرظة على بهقباذ الاوسط وبعث حبيب بن
منقذ الثوري على بهقباذ الاسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان وكان مع سعد بن حذيفة ألفا فارس بحلوان . قال ورزقه ألف درهم في كل شهر وأمره بقتال الاكراد وباقامة الطرق وكتب إلى عماله على الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال
كورهم إلى سعد بن ابي حذيفة بحلوان وكان عبدالله بن الزبير قد بعث محمد بن الاشعث بن قيس على الموصل وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة غير أن ابن مطيع لا يقدر على عزله الا بأمر ابن الزبير وكان قبل ذلك في امارة عبدالله بن
يزيد وابراهيم ابن محمد منقطعا بامارة الموصل لا يكاتب أحدا دون ابن الزبير . فلما قدم عليه عبدالرحمن بن سعيد بن قيس من قبل المختار أميرا تنحى له عن الموصل وأقبل حتى نزل تكريت وأقام بها مع أناس من أشراف قومه وغيرهم وهو
معتزل ينظر ما يصنع الناس والى ما يصير أمرهم ثم شخص إلى المختار فبايع له ودخل فيما دخل فيه أهل بلده .
لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا . وقد خاب من افترى أيها الناس انه رفعت لنا راية ومدت لنا غاية فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها وفي الغاية أن أجروا إليها ولا تعدوها
فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية وبعد المن طغى وأدبرو عصى وكذب وتولى الا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدى فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا والارض فجاجا سبلا ما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي
طالب وآل علي اهدى منها . ثم نزل فدخل ودخلنا عليه واشراف الناس فبسط يده وابتدره الناس فبايعوه وجعل يقول تبايعوني على كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا
والوفاء بيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم فإذا قال الرجل نعم بايعه . قال فكأني والله أنظر إلى المنذر بن حسان بن ضرار الضبى إذ أتاه حتى سلم عليه بالامرة ثم بايعه وانصرف عنه فلما خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثوري في عصابة من
الشيعة واقفا عند المصطبة فلما رأوه ومعه ابنه حيان بن المنذر قال رجل من سفهائهم هذا والله من رؤوس الجبارين فشدوا عليه وعلى ابنه فقتلوهما فصاح بهم سعيد بن منقذ لا تعجلو الا تعجلوا حتى ننظر ما رأى أميركم فيه قال وبلغ المختار ذلك فكرهه
- ص 344 -
حتى رؤى ذلك في وجهه وأقبل المختار يمن الناس ويستجر مودتهم ومودة الاشراف ويحسن السيرة جهده . قال وجاءه ابن كامل فقال للمختار أعلمت أن ابن مطيع في دار أبي موسى فلم يجبه بشئ فأعادها عليه ثلاث مرات فلم يجبه ثم اعادها فلم
يجبه فظن ابن كامل أن ذلك لا يوافقه وكان ابن مطيع قبل للمختار صديقا فلما أمسى بعث إلى ابن مطيع بمائة الف درهم . فقال له تجهز بهذه واخرج فاني قد شعرت بمكانك وقد ظننت أنه لم يمنعك من الخروج الا انه ليس في يديك ما يقويك على
الخروج وأصاب المختار تسعة آلاف ألف في بيت مال الكوفة فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة آلاف وثمانمأة رجل كل رجل خمسمائة درهم خمسمائة درهم وأعطى ستة آلاف من اصحابه أتوه بعد ما
أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الايام حتى دخل القصر مائتين مائتين واستقبل الناس بخير ومناهم العدل وحسن السيرة وأدنى الاشراف فكانوا جلساءه وحداثه واستعمل على شرطته عبدالله بن كامل الشاكرى وعلى حرسه كيسان
أبا عمرة مولى عرينة فقام ذات يوم على رأسه فرأى الاشراف يحدثونه ورآه قد أقبل بوجهه وحديثه عليهم . فقال لابي عمرة بعض اصحابه من الموالى أما ترى أبا اسحاق قد أقبل على العرب ما ينظر الينا فدعاه المختار فقال له ما يقول لك أولئك
الذين رأيتهم يكلمونك فقال له وأسر إليه شق عليهم أصلحك الله صرفك وجهك عنهم إلى العرب فقال له قل لهم لا يشقن ذلك عليكم فأنتم مني وأنا منكم
- ص 345 -
ثم سكت طويلا ثم قرأ ( انا من المجرمين منتقمون ) قال فحدثني أبو الأشعر موسى بن عامر قال ما هو الا أن سمعها الموالى منه فقال بعضهم لبعض أبشروا كانكم والله به قد قتلهم .
( قال أبو مخنف ) حفثني حصيرة بن عبدالله الازدي وفضل بن خديج الكندى والنضر بن صالح العبسى قالوا أول رجل عقد له المختار راية عبدالله ابن الحارث أخو الاشتر عقد له على أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد على آذريجان وبعث
عبدالرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل وبعث اسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جوخى وبعث قدامة بن أبي عيسى بن ربيعة النصرى وهو حليف لثقيف على بهقباذ الاعلى وبعث محمد بن كعب بن قرظة على بهقباذ الاوسط وبعث حبيب بن
منقذ الثوري على بهقباذ الاسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان وكان مع سعد بن حذيفة ألفا فارس بحلوان . قال ورزقه ألف درهم في كل شهر وأمره بقتال الاكراد وباقامة الطرق وكتب إلى عماله على الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال
كورهم إلى سعد بن ابي حذيفة بحلوان وكان عبدالله بن الزبير قد بعث محمد بن الاشعث بن قيس على الموصل وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة غير أن ابن مطيع لا يقدر على عزله الا بأمر ابن الزبير وكان قبل ذلك في امارة عبدالله بن
يزيد وابراهيم ابن محمد منقطعا بامارة الموصل لا يكاتب أحدا دون ابن الزبير . فلما قدم عليه عبدالرحمن بن سعيد بن قيس من قبل المختار أميرا تنحى له عن الموصل وأقبل حتى نزل تكريت وأقام بها مع أناس من أشراف قومه وغيرهم وهو
معتزل ينظر ما يصنع الناس والى ما يصير أمرهم ثم شخص إلى المختار فبايع له ودخل فيما دخل فيه أهل بلده .